أبراهام لنكولن Abrahan Lincoln الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، ولد عام ۱۸۰۹ م في محافظة هاردن Hardin التي تعرف اليوم بلارو -La rue في ولاية كنتاكي Kentucky . في كوخ من جذوع الأشجار، كان يقيم فيه والده توماس Thomas الذي كان يعمل نجارا بالولاية نفسها، أمه نانسی هانكس Nancy Hanks . لا يعرف عنها كثير . عرف أبراهام فيما بعد بألقاب عدة « أبيه لنكولن» Abe Lincolin و «أبيه الأمين» Abe Honest و «ناشر قضبان الأسيجة الخشبية Rail Splitter، و «المحرر العظيم» Great Emancipator.

انتقل مع أسرته سنة ۱۸۱۹ إلى إنديانا Indiana، حيث أقامت في مقاطعة ليتل بيجون كريك Little pigeon Creek التي تعرف اليوم باسم سبنسر Spencer، ولما كانت تلك الأسرة من أتباع الكنيسة المعمدانية كان لنكولن من مناصري الدعوة إلى تحرير العبيد من رق العبودية، وهذا ما يعلل قوله بعد: «أنا ضد العبودية بطبعی، ولا أذكر أبدا متى لم أكن أفكر وأشعر هكذا».

في العام ۱۸۲۱ انتقل أبراهام إلى قرية نيو سالم New Salem في مقاطعة سانغامون Sangamon قرب سبرينغفيلد Springfield، وأخذ يعمل في التجارة ونقل البضائع من قرية نيو سالم بقوارب مسطحة إلى نيو أورلينز New Orleans .

تزوج من امرأة كنتاكية ذات حسب، هی ماری تود Mary Todd في نوفمبر ۱۸۹۲، وأنجبا أربعة أولاد، هم: روبرت تود Robert Todd وإدوارد بيكر Edward Baker، ووليام والاس William Walace وتوماس «تاد» Thomas Tad.

بدأ حياته السياسية في العام ۱۸۳۲ بترشيح نفسه لعضوية الجمعية العمومية لولاية إلينوي Illinois عن حزب الهويغيين Whigs الذي تحول فيما بعد إلى الحزب الجمهوري، وهو حزب مناهض للحزب الديمقراطی. خدم برتبة نقيب في ميليشيا إلينوي في أثناء حرب الصقور السود Black Hawk War، ثم درس القانون بتشجيع من عضو المجلس التشريعي الهویغی جون تود ستيوارت John Todd Stuart، وأصبح محاميا سنة ۱۸۳۹، وغادر إلى سبرينغفيلد، وشرع في ممارسة المحاماة مع ستيفن ت. لوغان Stephen T. Logan فذاع صيته وأثری.

مثل مقاطعة سانغامون في مجلس نواب إلينوى لدورات متتالية عدة، وفي عام 1856 التحق بالحزب الجمهوري الناشئ حديثا. ومن أبرز ارائه أنه عد العبودية شرا لابد من التخلص منه، وفي عام 1858 رشح نفسه لعضوية مجلس الشيوخ، وألقى خطابه الانتخابي الافتتاحي في تموز / يوليو من العام نفسه، لخص فيه مستقبل أمريكا السنوات عديدة قادمة، إذ قال :

البيت الذي ينقسم على نفسه لا يستطيع البقاء، وأعتقد أن هذه الحكومة لا تستطيع أن تتحمل إلى الأبد أن يكون نصفها عبيدا ونصفها أحرارا، ولا أتوقع أن ينفرط عقد الاتحاد، ولا أتوقع أن ينهار البيت، ولكني أتوقع أن انقسامه سوف يتوقف.

رشح الحزب الجمهوري أبراهام لنكولن لمنصب الرئاسة في انتخابات العام ۱۸۹۰، ففاز به ۳۹٪ من الأصوات الشعبية، وبه ۱۸۰ صوتا انتخابا، وقد أثار نجاحه الجنوبيين المؤيدين للعبودية، وهي إحدى عشرة ولاية أعلنت انفصالها عن الحكومة الاتحادية، وهذه الولايات هي فرجينيا، کارولينا الجنوبية، كارولينا الشمالية، جيورجيا، المسيسيبي، فلوریدا، لويزيانا، تكساس، أركنساس، تنیسي، ألاباما، وقررت إقامة اتحاد کونفدرالي فيما بينها، وكونت حكومة مؤقتة أطلق عليها اسم (الولايات الأمريكية المتحالفة).

غير أن أبراهام لنكولن أعلن في خطاب الولاية الافتتاحي الذي ألقاه في مارس ۱۸۹۱ أنه لا يعترف بانفصال تلك الولايات، وعد إعلانها لدستورها ملغی وباطلا، ودعا إلى إعادة اللحمة بين الولايات الأمريكية كلها، ولكن الانفصاليين صموا آذانهم عن دعوته هذه، واندلعت نيران الحرب الأهلية في أبريل من العام نفسه . وكان القائد العسكري للجنوبيين المناصرين للعبودية الجنرال لى Lee والقائد العسكرى للشماليين المناهضين لها الجنرال غرانت Grant.

وبعد انتصار الشماليين أصدر أبراهام لنكولن إعلانه القاضي بتحرير العبيد في الولايات المتحدة قاطبة بدءا من عام 1863، وفي العام نفسه دشن الرئيس لنكولن المقبرة القومية في غيتسبورغ Gettysburg حيث ألقى خطابه الشهير الذي قال فيه :

لقد عقدنا العزم على أن هؤلاء الموتى لم يموتوا عبثا وأن هذه الأمة سوف تتمخض عن ولادة حرية جديدة بعون الله، وأن حكومة الشعب التي أقامها الشعب لمصلحة الشعب لن تزول عن وجه الأرض أبدا.

وفي العام التالى فاز لنكولن بمنصب الرئاسة للولاية الثانية، وقد جاء في خطابه الافتتاحي ما يأتي:

بفضل نبذ الحقد تجاه أي أحد، وبالإحسان للمجتمع، وبالحزم في الحق، كما أرانا إياه الله، هلموا جميعا ننجز العمل الذي نقوم به لتضميد جراح الأمة، والعناية بمن تحمل عبء الحرب، وأرملته وابنه اليتيم، لنعمل كل ما يحقق السلام العادل والدائم، ورعايته فيما بيننا وبين الأمم قاطبة.

في أبريل من العام 1865 وضعت الحرب الأهلية أوزارها باستسلام قائد الانفصاليين الجنرال لی. وصرح الجنرال المنتصر غرانت أمام جنوده المبتهجين بالنصر قائلا: «يظل المتمردون أبناء وطننا» فهدأ حماس الجنود للانتقام من أعدائهم الجنوبيين، وتحول لنكولن في نظر الشماليين ليصبح البطل الأعظم، أعاد للأمة الأمريكية لحمتها الوطنية. وبعد يومين من استسلام الجنرال (لی) ألقى لنكولن خطابه العام الأخير الذي كشف فيه عن سياسته الهادفة إلى إعادة بناء الوطن.

في أبريل حضر وزوجته مسرحية «ابن العم الأمریکی» The American Cousin في مسرح فورد، وبينما كان جالسا في قمرته تسلل إليه مثل من فرجينيا اسمه جون ویلکس بوث John Wilkes Booth، وأطلق النار على رأسه وهو يصيح: «هذه هي نهاية الطغاة… لقد انتقم الجنوب». قبض على القاتل وشركائه ونفذ فيهم حكم الإعدام بعد بضعة أيام.