الصداع الصباحي المستمر

أسباب وعلاج صداع الصباح

الصداع في الصباح الباكر هو حقيقة يومية لكثير من الناس عند الاستيقاظ. هناك عدة أنواع مختلفة من الصداع، لكل منها أسبابه و عوامل الخطر الخاصة به.

و من الأمثلة على ذلك، صداع الشقيقة، و أنواع الصداع الناتجة عن التوتر (TTH) ، و الصداع الناتج عن الإفراط في استخدام الأدوية (MOH). و وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن الصداع هو ثالث أعلى سبب لسوء الوضع الصحي في العالم.

يعتبر الصداع شائعاً، لكن هل يجب على الناس الذين يعانون من الصداع المتكرر في الصباح الباكر القلق بشأن خطورة الحالة؟

تابع القراءة لمعرفة المزيد عن هذه الأسباب الخمسة الشائعة للصداع في الصباح الباكر. تعرّف على ما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر و متى ينبغي عليكم الاتصال بالطبيب.

مشاكل النوم

العديد من مشاكل النوم يمكن أن تؤدي إلى الصداع في الصباح.

الشخير و توقف التنفس أثناء النوم

وفقاً لمؤسسة الصداع النصفي الأمريكية، هناك عدة عوامل يمكنها أن تسهم أو تسبب الصداع المتكرر في الصباح الباكر. في الواقع، شيء بسيط مثل الشخير يمكنه أن يزيد من خطر الشعور بالصداع.
الشخير هو أحد الأعراض الشائعة لتوقف التنفس أثناء النوم ، وهي حالة قد يتوقف فيها تنفس الشخص أو يصبح ضحلاً للغاية أثناء نومه.
وعلى الرغم من أنه لا ترتبط جميع أنواع الشخير باضطرابات النوم، إلا أن انقطاع النفس أثناء النوم كان مصحوبًا بصداع متكرر في الصباح.

إذا اشتبه شخص في توقف التنفس أثناء النوم، فهناك العديد من الأعراض التي يجب مراقبتها، من ضمنها ما يلي:

  • الاستيقاظ بشكل متكرر في منتصف الليل
  • النعاس أثناء النهار
  • التَّعرق الليلي
  • الشخير اليومي

الحرمان من النوم

أجريت دراسة حديثة لدراسة العلاقة بين مشاكل النوم و الإصابة بالصداع. حيث شملت الدراسة أكثر من 1800 شخص في سن المراهقة.

تم تحديد ثلاث مجموعات في الدراسة: أشخاص يعانون من الصداع الناتج عن التوتر (TTH)، و أشخاص يعانون من الصداع النصفي، و أشخاص لا يعانون من أي نوع من أنواع الصداع.

شهدت المجموعة التي تعاني من الصداع النصفي أكثر فترات الاسيقاظ ليلاً. وجدت الدراسة أن ما نسبته فقط 32% من الأشخاص الذين يعانون من الصداع النصفي قالوا أنهم يشعرون بالراحة عند الاستيقاظ من النوم.

يوصي الخبراء أنه يجب أن يحصل البالغون على 7 إلى 9 ساعات من النوم كل ليلة. و وفقاً لمؤسسة الصداع النصفي الأمريكية، قد يزيد النوم الذي يستمر لمدة تقل عن ست ساعات أو تزيد عن ثمان ساعات و نصف من شدة الصداع.

 نصائح لتعزيز عادات النوم الصحية

من أجل تحسين جودة النوم، ينبغي عليك اتباع هذه النصائح:

  • التَّعود على نمطٍ منتظم من النوم في الليل، و الذهاب إلى الفراش في وقت محدد كل ليلة و الاستيقاظ في نفس الوقت كل صباح.
  • حاول الابتعاد عن الكافيين، و النيكوتين، و المشروبات الكحولية التي تعمل على إرباك النوم.
  • تجنب الأنشطة التي تحفز الدماغ قبل النوم مثل مشاهدة التلفيزيون أو تصفح الانترنت.
  • ممارسة الأنشطة التي تحفز على الهدوء قبل النوم مثل التأمّل.
  • قم بتدوين الأنشطة التي تساعد على تعزيز النوم و تلك التي تجعل النوم أكثر صعوبة.
  • ابحث عن مكانٍ مظلم، و هادئ و مريح للنوم.
  • خذ حماماً للاسترخاء يعطيك شعوراً بالهدوء قبل النوم.
  • اعْتَد على روتين منتظم لممارسة التمارين.

ينبغي الذهاب للطبيب في حالة الشعور بالصداع المتكرر في الصباح، و الشخير و الأعراض الأخرى لتوقف التنفس. قد يطلب الطبيب القيام بفحصٍ حتى صباح اليوم التالي لتقييم الحالة فيما يتعلق بتوقف التنفس أثناء النوم.

في كثير من الحالات، قد يكون تشخيص و علاج توقف التنفس أثناء النوم هو كل ما يلزم لاختفاء الصداع.

من المهم معرفة أن هناك ارتباط بين انقطاع النَفَس النومي و اضطرابات أخرى أكثر خطورة مثل أمراض القلب و ارتفاع ضغط الدم. قد يقوم الطبيب ببعض الفحوصات لمثل هذه الحالات و غيرها من الحالات الخطيرة أيضاً.

القلق و الإكتئاب

الأرق هو أحد الأعراض الشائعة للإكتئاب و القلق، و كلاهما عوامل خطر كبيرة لتكرار حدوث الصداع في الصباح الباكر.

بدأت في عام 2016 دراسة لاكتشاف العلاقة بين اضطرابات المزاج مثل القلق، و الإكتئاب و حدوث الصداع. في هذه الدراسة، جمع الباحثون بيانات ما يقارب من 9000 من المشاركين في مرحلة المراهقة من دول أوروبية مختلفة. تم توزيع استبانة على المشاركين في الدراسة لمعرفة مدى انتشار الصداع، و الإكتئاب و القلق.

تبين أن أكثر أنواع الصداع المرتبطة بالقلق و الإكتئاب شيوعاً هو الصداع المحتمل الناتج عن الإفراط في استعمال الدواء (pMOH). و تبين أن ثاني أكثر أنواع الصداع شيوعاً هو الصداع الناتج عن التوتر (TTH)، حيث جاء الصداع النصفي في المرتبة الثالثة.

في هذه الدراسة، تبيَّن أن الصداع الناتج عن التوتر له يرتبط فقط بالقلق و ليس بالإكتئاب.

عندما يكون لدى الشخص اضطراب مزاجي مصحوب بصداع مزمن ، يمكن أن يبدأ سريعا في التأثير سلبا على نوعية حياته وأنشطته اليومية.

علاج اضطرابات النوم الناجمة عن القلق أو الإكتئاب

يعتبر تشخيص و علاج أعراض القلق و الإكتئاب أمراً مهماً للحفاظ على المزاج و التعامل مع اضطرابات النوم بالنسبة لأولئك الذين يعانون من الصداع المتكرر في الصباح الباكر.

قد يصف الأطباء الأدوية المضادة للإكتئاب. العديد من أنواع مضادات الإكتئاب تساعد على تعزيز النوم السليم، و بعضها يستخدم عادةً لمنع الصداع النصفي، مثل مضادات الإكتئاب ثلاثية الحلقات.

يمكن للطبيب أن يقترح نوع الدواء الأفضل لعلاج الإكتئاب أو القلق لأولئك المصابين بالصداع المزمن. يمكن لأخصائيي النوم أو الأخصائيين النفسيين تقديم علاج مكثَّف، مثل العلاج المعرفي، أو التعديل السلوكي، أو أساليبَ أخرى للتدريب على الاسترخاء.

قد يوصي بعض المتخصصين في الرعاية الصحية بالكملات الغذائية، مثل التريبتوفان الطبي L-tryptophan، أو (HTP-5)، أو الميلاتونين لتعزيز النوم.

المشروبات الكحولية و المخدرات

و قد نظرت دراسة أجريت عام 2004 في الصلة بين الصداع و تناول المشروبات الكحولية و المخدرات. تضمَّنت هذه الدراسة حوالي 19000 شخص من عدة دول أوروبية.

تبين أن الأشخاص المشاركين في الدراسة الذين اعتادوا على تناول المشروبات الكحولية بكثافة ما يعادل 6 حصص من الكحول في اليوم يعانون من صداعٍ أكثر تكراراً في الصباح الباكر من أولئك الذين يشربون فقط من حصة إلى حصتين من الكحول يومياً.

وجدت الدراسة أيضاً أن الأشخاص الذين أخذوا أدوية معينة للإكتئاب أو القلق أو الأرق- مثل Xanax أو Valium أو Zyprexa – عانوا من زيادة في معدل حدوث الصداع في الصباح الباكر بنسبة 7.6 إلى 17.5% .

صرير الأسنان (Bruxism)

صرير الأسنان هي حالة منشرة تتمثل في عملية إطباق الأسنان على بعضها البعض أو احتكاكها ببعضها البعض.

يمكن للأشخاص الذين يعانون من صرير الأسنان القيام بجرش و صر أسنانهم إما أثناء نومهم أو في أوقات اليقظة، و هم غير مدركين أنهم يقومون بفعل ذلك.

صرير الأسنان هو اضطراب يتعلق بالتوتر، و الذي عندما يكون شديداً، يمكنه أن يسبب الصداع المتكرر.

يعتبر صرير الأسنان، و الذي يرتبط بالإستثارة خلال النوم، نوع محدد من اضطرابات الحركة المتعلقة بالنوم. الأشخاص الذين يطبقون على أسنانهم أثناء النوم غالباً ما يصدرون شخيراً أيضاً و هم عرضة بشكل كبير لتوقف النفس أثناء النوم.

معظم الناس الذين يعانون من صرير الأسنان غير مدركين أنهم يطحنون أسنانهم أثناء النوم، لذلك من الضروري معرفة علامات و أعراض صرير الأسنان، و هي كالآتي:

  • طحن الأسنان، يكون الصوت مرتفعاً بما فيه الكفاية لإيقاظ شريك النوم.
  • أسنان مفلطحة و مهشمة بشكل لا يمكن تفسيره.
  • ألم أو حساسية للألم في الفك و الوجه.
  • عضلات فك منهكة.
  • لا يمكن فتح أو إغلاق الفك بشكل كامل.
  • ألم غير معروف في الأذن دون مشكلة واضحة في الأذن.
  • آلم و حساسية في الأسنان.
  • ضرر غير مبرر في الخد من الداخل.
  • صداع ممل قادم من منطقة الصدغ.
  • ارتباك و تشوّش في نمط النوم.
  • صداع متكرر في الصباح الباكر.

وفقاً لدراسة حديثة، فإن تعاطي الكحول و تدخين التبغ يزيدان من مخاطر الإصابة بصرير الأسنان.

مشاكل صحية خطيرة

الصداع الناجم عن الاضطرابات الصحية الأخرى قد يؤدي إلى الضغط على النهايات العصبية الحساسة للألم. عادةً ما يشار إلى هذا النوع من الصداع على أنه صداعٌ ثانوي.

قد ينتج الصداع الثانوي عن حالات كامنة، مثل:

  • ورم في الدماغ
  • الصدمة
  • ارتفاع شديد في ضغط الدم
  • السكتة الدماغية

متى ينبغي زيارة الطبيب

ليس كل من يعاني من الصداع في الصباح الباكر سوف يحتاج بالضرورة إلى زيارة الطبيب. أي من العلامات أدناه تشير إلى أنه يتوجب عليك زيارة الطبيب:

  • إذا حدث صداعان أو أكثر في الأسبوع.
  • الصداعات المتكررة، لا سيما في أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً، و الذين لم يعانوا منها من قبل
  • صداع مفاجئ أو شديد مصحوباً بتيبسٍ في الرقبة.
  • الصداع الذي يحدث بعد إصابة في الرأس.
  • الصداع المصحوب بالحمى أو الغثيان أو القيء و الذي ليس له سبب آخر.
  • الصداع مع التشوَش، أو الضعف، أو الرؤية المزدوجة، أو فقدان الوعي.
  • الصداع الذي يتغيّر فجأة في نمطه و شدَّتِه.
  • الصداع المزمن في الأطفال.
  • الصداع المصاحب لحالة الضعف أو فقدان الإحساس في أي جزء من الجسم.
  • الصداع الذي يصاحبه أزمة أو ضيق في التنفس.
  • الصداع مع الأشخاص الذين لديهم سجل مرَضي بأمراض نقص المناعة (HIV) أو السرطان.

الخـلاصَـة

عند النظر في الحقائق و البحوث التي تتعلق بالصداع، نرى أن العديد من العوامل تتداخل.

على سبيل المثال، فإن شرب الكحول عادةً ما يزيد خطر الإصابة بالأرق و صرير الأسنان. قد يساعد الإقلاع عن الشرب في التخفيف من مشاكل النوم و حك الأسنان ببعضها البعض. وهذا بدوره قد يقلل من حدوث الصداع الصباحي.

يمكن أن تؤدي بعض حالات الصحة العقلية، مثل القلق أو الإكتئاب، إلى شرب الكحوليات أو اضطراب أنماط النوم أو صرير الأسنان. مرة أخرى، يمكن أن تؤدي هذه إلى الصداع في الصباح الباكر. في هذه الحالة، يجب أن يكون علاج اضطراب الصحة النفسية هو الأولوية بالنسبة للشخص.

يمكننا وقاية أنفسنا من العديد من الأمور التي تسبب الصداع. قد يجد الأشخاص الذين يعانون من صداع متكرر في الصباح أن إجراء تغييرات في نمط الحياة و زيارة الطبيب من وقت لآخر هو كل ما يتطلبه الأمر لمنع الصداع من التأثير على جودة الحياة اليومية.