المحتويات
نقاش أسباب الخلاف والحرص على اعتذارهم ومصالحتهم
يعتمد حل أي نوع من الحلافات بين طفلك وإخوته أو زملائه على قدرة فهمك وحكمتك، واستماعك لكل كلمة يلفظها طفلك، وأن تتعرفي أولا إلى ما يحدث من وجهة نظر كل منهم، فربما تختلف نظرتهم لموضوع الخلاف، أو دوافعهم أو أهدافهم من وراء ما يقولون به. يتعيّن عليك مراعاة ذلك عند التعامل مع الخلاف حتى تحصلي على حل أمثل لكل الأطراف.
أثناء عملية تسوية الخلاف بين أطفالك، من المهم أن تشجعيهم على التحدث بشكل مباشر مع بعضهم البعض. فعندما يفصح أحد أطفالك عن شيء لك لم يكن قد قاله للطرف الآخر، عليك أن تجعليه يعبّر عن هذا الشيء مباشرةً للطرف الآخر وبالمثل، فإنه إذا لم يستمع الآخرون لما قاله، يمكنك أن تحثيه على إخبارهم، حتى تتأكدي من استماع الآخرين له. فليس من المهم أن يفصح لك عن وجهة نظره لك فقط، بل أن ينقل وجهة نظره إلى الآخرين. إليك بعضل الأمثلة على ذلك:
- تقولين لطفلك: أخبر أخاك بما قلته لي للتّو. وللآخر تقولين: أريدك أن تفكر وتشعر بما يقوله أخوك، ثم اجعليه يقول عما شعر به بعد أن تنتهي من حديثك.
- أو تقولين: ما رأيك بأن تخبر أختك بذلك الآن؟ وتقولين لابنتك: أنتِ ابقي صامتة واستمعي لما يريد أخوك أن يقوله لك. فمن المهم أيضًا أن تعرفي مشاعره تجاه الأمر.
تقديم الإعتذار
من المهم مساعدة كل طرف في الاعتذار للطرف الآخر عما بدر منه من إساءة إليه، أو مخالفته لما تم الاتفاق عليه، أو تسببه في بعض العواقب غير المرغوبة،فتشجيع طفلك على الاعتذار ينمّي لديه إحساسا بتحمل مسؤولية أفعاله. كما أن ذلك يساعدك على التعرف إلى إذا ما كان أطفالك يرفضون تحمل مسؤولية ما يقولون به من أفعال أم لا، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
- ” آسف، لأني ضربتك”.
- “أعتذر عن وقوفي أمام شاشة التلفزيون وعدم قدرتك على مشاهدته”.
- “أنا لم أقصد أن أمنعك من الذهاب إلى السينما. فلم أكن أعلم أن ما فعلته سيعطلك عن الذهاب، فأنا آسف”.
التوصل إلى اتفاق بين الأطفال
بعد التأكد من أن كل واحد من أطفالك قد قام بتوضيح وجهة نظره للطرف الآخر والإعتذار عما بدر منه في حق أخيه، تأتي الخطوة التالية، وهي مساعدتهم في التوصل إلى اتفاق يحدد ما سيكون عليه سلوكهم المستقبلي في التعامل مع بعضهم بعضًا، وبهذا تتحدد في هذا الاتفاق كل النقاشات التي أجريتها من قبل، ويساعدك ذلك على تغيير سلوكياتهم إلى الأفضل حين التوصل إلى اتفاق، حتى لا تضيع تلك الجهود التي بذلتها في سلسلة المناقشات السابقة هباءً.
ومن المهم أن تركزي اهتمامك على ما يريده كل طرف من الآخر، وينطبق هذا على ما يتم التوصل إليهمن اتفاقات. لذا، عليك جعل كل منهم يُطلع الآخر على ما يعجبه في سلوكه، كجزء من هذا الاتفاق الذي تسعى إلى التوصل إليه، وذلك من شأنه مساعدة أطفالك على كسر الحاجز النفسي الذي يمنعهم من التعبير عن مشاعرهم الحقيقية تجاه بعضهم بعضًا.
يمكن تفسير المناقشات مع أطفالك على النحو التالي:
يقول أحد أطفالك للآخر: “إنني أحب اللعب معك وأريد أن نقضي وقتًا ممتعًا مع بعضنا، لذلك قررت أن تشاركني اللعب بألعابي الخاصة من الآن فصاعدًا، هذا بالنسبة إلى الألعاب التي أضعها في حجرة المعيشة، أما الألعاب التي لا أريد أن تلعب بها سبقيها في غرفتي”، فيرد عليه طفلك الآخر: “يعجبني هذا الاقتراح، فأنا أيضا أحب اللعب معك، سأستمتع وأنا أشركك اللعب بألعابي، وأعدك بأنني لن أقترب من ألعابك الموجودة في غرفتك”.
إعطاء الوقت الكافي
قد يستغرق ما تم ذكره وقتًا طويلًا، لا تستعجلي النتائج، اعلمي أن هذا التدريب سيستغرق وقتًا طويلًا، ولكن مهما استغرق ذلك من وقت، فإن الفائدة التي ستعود عليك وعلى أطفالك من تطبيق هذه السلوكيات يستحق بالفعل كل هذا الوقت، ولذلك فكري في هاتين النقطتين:
- أولاً: إنك إذا لم تُعلّمي أطفالك كيفية تسوية ما ينشأ بينهم من خلافات، فإنهم سيستمرون في المعاناة من كثير من الصعوبات التي عليك التعامل معها دومًا، ما يضيع وقتك، ويزيد الخلاف بين أطفالك، لن يكون هناك مفر من تدخلك لإصلاح الأمور آجلا أم عاجلاً، اتركيهم يعتمدوا على أنفسهم في التصدي لمثل هذه المشكلات، ولكن بعد تريبهم على ذلك.
- ثانياً: إن تَلقّي أطفالك لهذا النوع من التدريب، يساعد على زيادة قدراتهم على التصرف بشكل سليم دون توجيه أحد، مع مراعاة لمشاعر الآخرين وزيادة قدراتهم على التفاوض للحصول على ما يريدون، هذا إضافة إلى تعلمهم كيفية التحكم في أنفسهم للتعامل مع الخلافات التي تنشأ بينهم وبين الآخرين حين يكبرون. فكري في الميراث الرائع الذي تتركينه لأطفالك من خلال الساعات القليلة التي تقضينها في التحاور معهم وتوجيههم وهم صغار.
تضارب أقاويل الأطفال في حال الشجار أو الخلاف
هذا أمر لا يحدث كثيرًا من واقع التجارب العملية على الأطفال. ولكن، لنفترض أنه حدث، كيف يمكنك مواجهة الموقف ومعالجة الأمور بحكمة؟ إليك بعض المقترحات الخاصة بذلك، والتي لا يشترط أيضاً اتباع الترتيب نفسه عند تطبيقها، يمكنك البدء من حيث أردت.
- يمكنك سماع ما حدث من شخص حيادي بخلاف أطفالك يكون قد شهد الواقعة، وربما لا يحتاج إلى شهود إذا كنت قد شهدت والواقعة بنفسك.
- حدّدي إذا ما كان من المحتمل أن تكون الرواية التي يحيكها كل منهم عن الموقف صحيحة أو لا، تذكري أنه في بعض الأحيان قد يكون كل طرف محقاً فيما يقوله.
- إذا لاحظت وجود تضارب فيما يرويه أطفالك، عليك أن تخبريهم أن ما يقولونه من غير المحتمل حدوثه، وأن أحدهم أو كلهم يحاولون إخفاء الحقيقة ( لا تصفيهم بالكاذبين ). حاولي من خلال ذلك أن تجعليهم يغيّرون روايتهم، إذا حدث واعترف كل منهم بما حدث بالفعل، يمكنك الانتقال لباقي الخطوات.
- إذا لم يحدث ذلك ولم يقولوا الحقيقة يمكنك الاستناد إلى السلوكيات المعتاد صدورها من كل منهم. ربما يكون هذا الحل غير فعال بالقدر الكافي، إلا أنه قد يسهم بدور كبير في تطور الوضع. يمكن أن تقولي على سبيل المثال: حسناً يا بني، أنت اعتدت على القيام، بكذا وكذا، في الماضي، فلماذا تستبعد أن أصدق أنك كررت ذلك السلوك هذه المرة أيضاً. فكل ما استندت إليه من أدلة هو ما استمعت له للتو منك أنت و(ثم تذكرين اسم الطرف الآخر)، فكيف لي أن أعرف الحقيقة؟ حاولي أن تري إذا ما كانت إجابته ستضيف شيئاً جديداً.
- يمكنك أيضاً وضع بعض الاحتمالات واطلاعهم عليها، وذلك في محاولة لرؤية ردود أفعالهم تجاه ما تقولينه لهم. وأثناء ذلك يمكن أن تقومي بإعطائهم بعض التوجيهات التي توضح ما كان عليهم القيام به في هذا الموقف، وما ينبغي عليهم القيام به في المستقبل. فحتى وإن كانت تلك الاحتمالات خاطئة فإن أطفالك سيحصلون على التوجيه الصحيح اللازم لهم.
- يمكنك أيضاً معاقبتهم على طريق تطبيق أسلوب العقاب القائم على وقوف الأطفال عند الحائط لفترة زمنية بسيطة، وتُذكريهم بأن عقابهم سينتهي بمجرد أن يقولوا الحقيقة وما حدث بالفعل، المشكلة هنا تكمن في أنه في هذا الأسلوب يتساوى الضحية مع الجاني في العقاب، غير أنه في بعض الحالات يكون من الأفضل استخدام هذا الأسلوب.
- إذا استمر أطفالك على تضارب في رواياتهم، فستكونين في حاجة إلى أن تبقي على حذر في المستقبل، حتى تتمكني من متابعة ما يفعلونه، كي لا تحتاجي إلى الاعتماد على ما يقدمونه من روايات، وأثناء ذلك، عليك القيام بوضع القواعد والحدود التي يجب أن يسيروا عليها، ومساعدتهم في التوصل إلى اتفاق على أساس الروايات التي يقدمونها. يجب في هذه الحالة أن تُبَيّني لهم أن السبب الذي دفعك إلى ذلك هو عدم إخبارهم لك بالحقيقة.
عليك أن تكوني حكيمة في تفهم طفلك، وإرشاده إلى السلوكيات الايجابية التي تُصقل شخصيته وتجعله أيضاً يتعامل بحكمة حين يكبر، لأنك قدوة له.