المحتويات
مقدمة عن الشوكولاتة
الشوكولاتة هي مستحضر يتم صنعه من ثمرة شجرة الكاكاو و يستخدم كمادة لإضافة النكهة و كمكون في المشروبات و أنواع أخرى من الحلويات. تعتبر أمريكا الوسطى و الجنوبية هي الموطن الأصلي لشجرة الكاكاو. و تعرف البذور التي تنتجها هذه الشجرة بحبوب الكاكاو. من غير المعروف متى بدأ السكان الأصليون لأمريكا بجني حبوب الكاكاو، لكن الاكتشافات عثرت على بعض من بقايا الكاكاو على بعض الأواني و القدور التي يرجع تاريخها إلى 600 عام قبل الميلاد.
تم إعداد الشوكولاتة لأوروبا لأول مرة بواسطة شعوب الآزتيك. كلمة شوكولاتة مشتقة من كلمة (chocolatl) في اللغات الناواتلية ( أيضاً تكتب xocolatl)، و تعني حرفياً “الماء المر”. صنع الآزتيكيون مشروب الشوكولاتة الساخن من حبوب الكاكاو للمغامر الأسباني إرنان كورتيس في عام 1519 م. حيث قام هذا المغامر بإدخالها إلى أوروبا بعد عودته إلى أسبانيا في عام 1528. بعد ذلك انتشرت الشوكولاتة كمشروب في أوروبا بشكل تدريجي. في عام 1847، تم إنتاج أول قطعة من الشوكولاتة للأكل بواسطة شركة Fry and Sons في بريستول، المملكة المتحدة. أول شوكولاتة بالحليب، تم صنعها بإضافة مسحوق الحليب إلى حبوب الكاكاو المعصورة، تم إنتاجها في سويسرا في العام 1875. في المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، تم صنع الشوكولاتة لأول مرة في عام 1765 في مقاطعة Milton Lower Mills الصناعية، القريبة الآن من Dorchester في ولاية ماستشوستس الأمريكية.
صناعة الشوكولاتة
تبدأ المرحلة الأولى في صناعة الشوكولاتة بجني القرون الناضجة من حبوب الكاكاو. ثم بعد ذلك يتم تقسيم تلك القرون لاستخراج الحبوب، ثم يتم تخمير تلك الحبوب في أكوام أو صناديق لمدة أسبوع تقريباً، و من ثم يتم تجفيفها. في مصنع الشوكولاتة، يتم تحميص الحبوب و تكسيرها إلى قطع صغيرة تعرف باسم (cocoa nibs). يتم طحنها لتكوين كتلة الشوكولاتة (chocolate mass) – و هي عبارة عن سائل سميك، أو سائل الشوكولاتة، يتماسك عند تبريده. كتلة الشوكولاتة هذه تحتوي على زبدة الكاكاو، وهي الدهون الطبيعية الموجودة في حبوب الكاكاو. يتم بعد ذلك مزجها بمزيد من زبدة الكاكاو (التي يتم استخراجها خلال صناعة مسحوق الكاكاو)، والسكر، والفانيلا. هذا المزيج، الذي يعرف بالشوكولاتة الداكنة، يتم مزجه و خلطه ببعضه البعض، ثم يتم تبريده في ظروف معينة لكي يتم التأكد بأن الدهون و السكر تبلورت بشكل متوازن و مستقر قدر الإمكان. مصنعو الشوكولاتة يقومون بصنع ثلاثة أنواع من الشوكولاتة: الشوكولاتة الداكنة (dark chocolate)، و شوكولاتة الحليب (milk chocolate)، و الشوكولاتة البيضاء (white chocolate). تتكون الشوكولاتة الداكنة من كتلة الشوكولاتة، أو سائل الشوكولاتة السميك (chocolate mass)، و المزيد من زبدة الكاكاو، و السكر، و نكهة الفانيلا. لصنع شوكولاتة الحليب، يتم إضافة الحليب الكامل الدسم أو كريمة الحليب، أو الحليب المكثف (condensed milk)، أو الحليب المجفف إلى الخليط السابق. الشوكولاتة البيضاء لا تحتوي على عجينة الشوكولاتة (chocolate liquor). فهي تتكون من زبدة الكاكاو، و مواد الحليب الصلبة (milk solids)، و دهون الحليب، و المحليات مثل السكر أو شراب الذرة عالي الفركتوز.
مكونات الشوكولا
من الناحية التغذوية، تعتبر الشوكولاتة بشكل أساسي مصدراً للطاقة، بها كميات قليلة من العناصر الغذائية. وفقاً لقاعدة البيانات الوطنية للمغذيات (National Nutrient Database) التابعة لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، فإن 100 جرام (3.5 oz) من قطع الشوكولاتة الداكنة تحتوي على 32 جرام (1.1 oz) من الدهون، و 48 جرام (1.7 oz) من السكر. الدهون التي تحتويها الشوكولاتة تتكون من كميات متساوية تقريباً من حمض الزيتيك أو حمض الأوليك – و هو حمض دهني أحادي الإشباع مثل الذي يوجد في زيت الزيتون – و دهون ثنائية الإشباع، مثل حمض الشمع (أو حمض الستياريك)، و حمض النخليك (أو حمض بالميتيك). بعض الدراسات الطبية وجدت علاقة بين حمض النخليك و الزيادة في البروتينات الشحمية أو البروتينات الدهنية (lipoproteins) منخفضة الكثافة، و هو نوع من الكوليسترول يعتقد أنه مسؤول عن أمراض تصلب الشرايين و أمراض القلب. حمض الشمع (أو حمض الستياريك)، على عكس حمض النخليك، يبدو أن له تأثيراً محايداً على مستويات الكوليسترول. و نتيجة لذلك، فقط حوالي الثلث من محتويات الدهون في الشوكولاتة يعتقد أنها ذات تأثير على مستويات الكوليسترول.
على الرغم من نقص العناصر الغذائية في الشوكولاتة، هناك عدد من الدراسات الطبية الحديثة تشير إلى أن الشوكولا الداكنة ربما تقدم بعض الفوائد الصحية. الشوكولا الداكنة غنية بالمكونات الطبيعية التي تعرف بمركبات الفلافونويد. مركبات الفلافونويد يعتقد أن لها فوائد وقائية لأنها تحتوي على مضادات الأكسدة، و جزيئات تساعد الخلايا على مقاومة الضرر الذي تسببه الجذور الحرة. بالإضافة إلى وجودها في الشوكولا، توجد مركبات الفلافونويد في أصناف متنوعة من الأطعمة و المشروبات، من بينها التفاح، و الفول السوداني، و الشاي، و النبيذ الأحمر، و التوت البري، و البصل. تعتبر مركبات الفلافونويد جزءاً من فئة أكبر من المركبات تعرف باسم البوليفينولات أو متعددات الفينول. تسمى أحياناً مركبات الفلافونويد الموجودة في الشوكولا بالفلافونولات.
تعطي مركبات الفلافونويد الشوكولا الطبيعية مذاقها اللاذع. و خلال عملية جعل الشوكولا ذات مذاق حلو و لذيذ، فإن كميات معينة من مركبات الفلافونويد تتعرض للتلف. توجد مركبات الفلافونويد في الشوكولا الداكنة بكمية أكبر منها في شوكولا الحليب، لكن حتى أثناء صنع الشوكولا الداكنة، يمكن أن يتم فقدان مركبات الفلافونويد خلال عملية تخمير و تحميص حبوب الكاكاو.
الفوائد الصحية للشوكولاتة
هناك دراستان مهمتان حول الفوائد الصحية المحتملة للشوكولا تم نشرهما في العام 2003 في مجلات علمية مرموقة. إحدى الدراسات، المنشورة في مجلة الطبيعة (Nature magazine)، وجدت أن الشوكولا الداكنة وحدها تمثل مضاداً فعالاً للأكسدة. حيث أثبتت هذه الدراسة أن إضافة الحليب للشوكولا، أو شرب الحليب إلى جانب الشوكولا الداكنة يمنع الجسم من امتصاص مضادات الأكسدة الموجودة في الشوكولاتة. الدراسة الأخرى، التي نشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (American Medical Association)، أظهرت أن الشوكولا الداكنة يمكنها خفض ضغط الدم المرتفع بين الأشخاص الذين هم في منتصف العمر الذين يعانون من حالات خفيفة في ارتفاع ضغط الدم.
و قد أكدت دراسة لاحقة قام بها باحثون إيطاليون من جامعة لاكويلا (University of L’Aquila)، النتائج بأن الشوكولا الداكنة من الممكن أن تساعد في خفض ضغط الدم المرتفع. وجدت هذه الدراسة أيضاً أن الشوكولا الداكنة ساعدت في زيادة قدرة الجسم على التمثيل الغذائي (استقلاب) للسكر الموجود في الغذاء، و هو اكتشاف قد يكون له آثار على علاج مرض السكري. و أظهرت دراسات أخرى أن الشوكولا الداكنة يمكنها تحسين صحة القلب و الأوعية الدموية، كما أنها تعمل على تمييع الدم، بنفس الطريقة التي يقوم بها الأسبيرين، مما يقلل من خطر الجلطات.
لكن يحذر الباحثون الطبيون من أن الشوكولا الداكنة تحتوي على السعرات الحرارية العالية و الدهون. ينصح هؤلاء الباحثون الأشخاص الذين يتناولون الشوكولا الداكنة لفوائدها الصحية أن يتناولوا كميات معتدلة منها و يخفضوا من تناولهم للأغذية التي تحتوي على نفس المقدار من السعرات الحرارية. و قد أشاروا إلى إمكانية الحصول على مركبات الفلافونويد عن طريق مصادر غذائية أخرى.
العديد من منتجي الشوكولا يقومون بتصنيع منتجات ذات محتوى عال من مركبات الفلافونويد و يسعون بنشاط لتحقيق فوائد صحية محتملة بالتعاون مع شركات الأدوية. قامت شركة (Mars, Incorporated)، و هي شركة أمريكة لصناعة الشوكولا، بتسجيل براءة اختراع لطريقة معالجة حبوب الكاكاو، تقول أنها تحافظ على مكونات الفلافونويد الموجودة في الشوكولا، من خلال تغيير الطريقة التي تتم بها تخمير و تجفيف و معالجة تلك الحبوب. منتجات شركة Mars التي تم تصنيعها بهذه الطريقة يتم تسويقها تحت العلامة التجارية Cocoapro. في عام 2005، بدأت شركة Barry Callebaut، و هي شركة سويسرية لتصنيع الشوكولا، و أكبر شركة في العالم لتصنيعها، بتسويق أحد منتجاتها من الشوكولا تحت العلامة التجارية Acticoa. قالت الشركة أن منتجها هذا ذو محتوى عال من مركبات الفلافونويد بسبب اعتمادها على عملية تصنيعية يتم خلالها غسل نسبة معينة من الكاكاو بدلاً من تخميرها.