المحتويات
قائد حزب العمال الوطني الاشتراكي وزعيم ألمانيا النازية من الفترة 1933 إلى 1945، في الفترة المذكورة كان يشغل منصب (مستشار ألمانيا) ورئيس الحكومة والدولة.
كان هتلر خطيبا مفوها ويحظى بجاذبية قوية وحضور شخصي لا يخفى عن العيان. ويوصف الرجل كأحد الشخصيات اللامعة في القرن العشرين، ويعزى له الفضل في انتشال ألمانيا من ديون الحرب العالمية الأولى، وتسييد الآلة العسكرية الألمانية التي قهرت أوروبا. فقادت سياسة هتلر التوسعية العالم إلى الحرب العالمية الثانية ودمار أوروبا بعد أن أشعل فتيلها بغزوه لبولندا.
وبسقوط العاصمة برلين في نهاية الحرب العالمية الثانية أقدم هتلر على قتل نفسه وعشيقته أيفا براون في قبو من أقبية برلين، بينما كانت برلین غريقة في بحر من الخراب والدمار .
مولده ونشأته
بمغيب شمس الـ ۲۰ نیسان / أبريل ۱۸۸۹ وضعت کلارا هتلر وليدها أدولف الذي سيغير وجه الكرة الأرضية عندما يشتد عظمه، كان أبوه (الويس) موظف جمارك صغيرا وهو بالأصل لقيط غير معروف الأب والأم. وكان لأدولف 5 أشقاء وشقيقات، ولم تكتب الحياة من بين الستة إلا لأدولف وشفيته «بولا» .
كان أدولف متعلقا بوالدته وشديد الخلاف مع أبيه، مع العلم أنه ذكر في كتابه كفاحي، أنه كان يكن الاحترام لوالده الذي كان يعارض بشدة انخراط ولده أدولف في مدرسة الفنون الجميلة، إذ كان أبوه يتمنى على أدولف أن يصبح موظف قطاع عام.
تمنع أدولف بالذكاء في صباه، إلا أنه كان مزاجی الطبع، وقد تأثر كثيرا بالمحاضرات التي كان يلقيها البروفسور « ليبولد بوتش» المعادية للسامية والممجدة للقومية الألمانية .
فيينا وميونيخ
في كانون الثاني / يناير ۱۹۰۳ مات أبوه ولحقته والدته في كانون الأول/ ديسمبر ۱۹۰۷، وغدا أدولف ابن ال 18 ربيعا بلا معيل، وقرر الرحيل إلى فيينا أملا في أن يصبح رساما.
عكف على رسم المناظر الطبيعية والبيوت مقابل أجر يسير، وكانت الحكومة تصرف له راتبا كونه صغيرا بالسن وبلا معيل، وتم رفضه من قبل مدرسة فيينا للفنون الجميلة مرتين وتوقفت إعانته المالية من الحكومة.
وفي فيينا تأثر أدولف كثيرا بالفكر المعادي للسامية نتيجة تواجد اليهود بكثرة في تلك المدينة، وتنامي الحقد والكراهية لهم، وقد دون أدولف في مذكراته مقدار مقته وامتعاضه من التواجد اليهودي واليهود بشكل عام.
وفي عام 1903 انقل أدولف إلى مدينة ميونيخ لتفادي التجنيد الإلزامي، وكان الرجل يتوق للاستقرار في ألمانيا عوضا عن الإقامة في الإمبراطورية المجرية النمساوية لعدم وجود أعراق متعددة كما هو الحال في الإمبراطورية النمساوية، وقد تم إلقاء القبض عليه من قبل الجيش النمساوي، وبعد إجراء الفحوصات الطبية لاختبار لياقته البدنية للخدمة العسكرية تبين أنه غير لائق صحيا.
في الحرب العالمية الأولى
و باندلاع الحرب العالمية الأولى تطوع الرجل في صفوف الجيش البافاری وعمل کساعی برید عسکری، بينما كان الكل يتهرب من هذه المهنة، ويفضل الجنود البقاء في خنادقهم بدلا من التعرض لنيران العدو عند نقل المراسلات العسكرية .
وبالرغم من أداء أدولف المتميز والشجاع في العسكرية، إلا أنه لم يرتق المراتب العليا في الجيش، وتروى الشائعات أن تحليلا نفسيا عمل له ويقول التقرير أنه مضطرب عقليا وغير مؤهل لقيادة جمع من الجنود.
وخلال الحرب کون هتلر إحساسا وطنيا عارما تجاه ألمانيا رغم أوراقه الثبوتية النمساوية، وصعق أيما صعقة عندما أستسلم الجيش الألماني في الحرب العالمية الأولى الاعتقاد هتلر باستحالة هزيمة هذا الجيش، وألقي باللائمة على الساسة المدنيين في تكبد الهزيمة .
الحزب النازي
بنهاية الحرب العالمية الأولى استمر هتلر في الجيش والذي اقتصر عمله على قمع الثورات الاشتراكية في ألمانيا، وانضم الرجل إلى دورات معدة من «إدارة التعليم والدعاية السياسية» هدفها إيجاد كبش الفداء لهزيمة ألمانيا في الحرب، بالإضافة إلى سبب اندلاعها، وتمخضت تلك الاجتماعات عن إلقاء اللائمة على اليهود والشيوعيين والساسة بشكل عام.
لم يحتج هتلر لأي سبب للاقتناع بالسبب الأول لهزيمة الألمان في الحرب لكرهه لليهود وأصبح من النشطين للترويج لأسباب هزيمة الألمان في الحرب. ولمقدرة هتلر الكلامية، فقد تم اختياره للقيام بعملية الخطابة بين الجنود ومحاولة استمالتهم لرأيه الداعي لبعض اليهود.
وفي أيلول/ سبتمبر ۱۹۱۹ التحق هتلر بحزب «العمال الألمان الوطني»، وفي مذكرة كتبها لرئيسه في الحزب يقول فيها:
يجب أن نقضي على الحقوق المتاحة لليهود بصورة قانونية، مما سيؤدي إلى إزالتهم من حولنا بلا رجعة.
وفي عام ۱۹۲۰م تم تسريح هتلر من الجيش وتفرغ للعمل الحزبي بصورة تامة إلى أن تزعم الحزب وغير اسمه إلى
« حزب العمال الألمان الاشتراكي الوطني»، أو «نازی» بصورة مختصرة، واتخذ الحزب الصليب المعقوف شعارا له وتبنى التحية الرومانية التي تتمثل في مد الذراع إلى الأمام.
الحزب الحاكم
بتبوء هتلر أعلى المراتب السياسية في ألمانيا بلا دعم شعبی عارم عمل الرجل على کسب الود الشعبي الألماني من خلال وسائل الإعلام التي كانت تحت السيطرة المباشرة للحزب النازي الحاكم، وخصوصا الدكتور جوزيف غوبلز. فقد روجت أجهزة غوبلز الإعلامية لهتلر على أنه المنقذ لألمانيا من الكساد الاقتصادي والحركات الشيوعية، إضافة إلى الخطر اليهودي.
ومن لم تنفع معه الوسائل «السلمية» في الإقناع بأهلية هتلر في قيادة هذه الأمة، فقد كان البوليس السري «جيستابو» ومعسكرات الإبادة والتهجير القسري كفيلا بإقناعه، وبتنامى الأصوات المعارضة الأفكار هتلر السياسية عمد هتلر إلى التصفيات السياسية للأصوات التي تخالفه الرأي، وأناط بهذه المهمة للملازم «هملر».
وبموت رئيس الدولة «هيندينبيرغ» في ۲ آب/ أغسطس ۱۹۳۶ دمج هتلر مهامه السياسية كمستشار لألمانيا ورئيس الدولة، وتمت المصادقة عليه من برلمان جمهورية ويمر، وندم اليهود أيما ندم لعدم مغادرتهم ألمانيا قبل ۱۹۳۵ عندما صدر قانون يحرم أي يهودى ألماني حق المواطنة الألمانية عوضا عن فصلهم من أعمالهم الحكومية ومحالهم التجارية، وتحتم على كل يهودى ارتداء نجمة صفراء على ملابسه، وغادر 180000 يهودى ألمانيا جراء هذه الإجراءات .
وشهدت فترة حكم الحزب النازي لألمانيا انتعاشا اقتصاديا مقطوع النظير، وانتعشت الصناعة الألمانية انتعاشا لم يترك مواطنا ألمانيا بلا عمل. وتم تحديث السكك الحديدية والشوارع وعشرات الجسور مما جعل شعبية الزعيم النازي هتلر ترتفع إلى السماء .
وفي آذار / مارس ۱۹۳۲ تنصل هتلر من «معاهدة فرسای» التي حسمت الحرب العالمية الأولى، وعمل على إحياء العمل بالتجنيد الإلزامي، وكان يرمي إلى تشييد جيش قوی مسنود بطيران وبحرية يعتد بها، وفي الوقت نفسه إيجاد فرص عمل للشبيبة الألمانية .
وعاود هتلر خرق اتفاقية فرسای مرة أخرى عندما احتل المنطقة المنزوعة السلاح «أرض الراين»، ولم يتحرك الإنكليز ولا الفرنسيون تجاه انتهاكات هتلر . ولعل الحرب الأهلية الإسبانية كانت المحك للآلة العسكرية الألمانية الحديثة عندما خرق هتلر اتفاقية فرسای مرارا وتكرارا، وقام بإرسال قوات ألمانية الأسبانيا المناصرة «فرانسیسکو فرانکوه» الثائر على الحكومة الأسبانية .
وفي ۲۰ تشرين الأول/ أكتوبر ۱۹۳۹ تحالف هتلر مع الفاشی موسوليني الزعيم الإيطالي، واتسع التحالف ليشمل اليابان، هنغاريا، رومانيا، وبلغاريا بما يعرف بحلفاء المحور، وفي 5 تشرين الثاني / نوفمبر ۱۹۳۷ عقد هتلر اجتماعا سريا في مستشارية الرايخ، وأفصح عن خطته السرية في توسيع رقعة الأمة الألمانية الجغرافية. وقام هتلر بالضغط على النمسا للاتحاد معه، وسار في شوارع فيينا بعد الاتحاد كالطاووس مزهوا بالنصر، وعقب فيينا عمل هتلر على تصعيد الأمور بصدد مقاطعة «ساديتلاند» التشيكية والتي كان أهلها ينطقون بالألمانية، ورضخ الإنكليز والفرنسيون المطالبه لتجنب افتعال حرب.
وبتخاذل الإنكليز والفرنسيين استطاع هتلر أن يصل إلى العاصمة التشيكية براغ في ۱۰ آذار/ مارس ۱۹۳۹ وببلوغ السيل الألماني الزبي قرر الإنكليز والفرنسيون تسجيل موقف بعدم التنازل عن الأراضي التي منحت لبولندا بموجب معاقدة فرسای، ولكن القوى الغربية فشلت في التحالف مع الاتحاد السوفياتي، واختطف هتلر الخلاف الغربي السوفياتي وأبرم معاهدة «عدم اعتداء» بين ألمانيا والاتحاد السوفياتي مع ستالین في ۲۳ آب / أغسطس ۱۹۳۹، وفي 1 أيلول/ سبتمبر ۱۹۳۹ غزا هتلر بولندا ولم يجد الإنكليز والفرنسيون بد من إعلان الحرب على ألمانيا.
الانتصارات الخاطفة
في السنوات الثلاث اللاحقة للغزو البولندى وتقاسم بولندا مع الاتحاد السوفيات، كانت الآلة العسكرية الألمانية لا تقهر ففي نيسان / أبريل 1940 غزت ألمانيا الدنمارك والنرويج، في أيار / مايو من العام نفسه هاجم الألمان كلا من هولندا، بلجيكا، لوكسمبورغ، وفرنسا، وانهارت الأخيرة في غضون 6 أسابيع وفي نيسان/ أبريل ۱۹۹۱ غزا الألمان يوغسلافيا واليونان، وفي الوقت نفسه كانت القوات الألمانية في طريقها إلى شمال إفريقيا وتحديدا مصر.
وفي تحول مفاجئ اتجهت القوات الألمانية صوب الغرب وغزت روسيا في نقض صریح لاتفاقية عدم الاعتداء، واحتلت ثلث الأراضي الروسية من القارة الأوروبية، وبدأت تشكل تهديدا قويا للعاصمة الروسية موسكو، ويتدنى درجات الحرارة في فصل الشتاء، توقفت القوات الألمانية عن القيام بعمليات عسكرية في الأراضي الروسية، ومعاودة العمليات العسكرية في فصل الصيف في موقعة «ستالينغراد» التي كانت أول هزيمة يتكبدها الألمان في الحرب العالمية الثانية، وعلى صعيد شمال أفريقيا هزم الإنكليز القوات الألمانية في معركة العلمين، وحالت بين قوات هتلر وبين السيطرة على قناة السويس والشرق الأوسط ككل.
إسدال الستار
الانتصارات الخاطفة التي حصدها هتلر في بداية الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد الفترة الممتدة من 1939 إلى 1942 جعلت منه رجل الاستراتيجية الأوحد في ألمانيا وأصابته بداء الغرور، وامتناعه عن الإنصات إلى آراء الآخرين، أو حتى تقبل الأخبار السيئة وإن كانت صحيحة، فخسارة ألمانيا في معركة ستالينغراد والعلمين وتردی الأوضاع الاقتصادية الألمانية وإعلانه الحرب على الولايات المتحدة في 11 كانون الأول/ ديسمبر 1941 وضعت النقاط على الحروف، ولم تترك مجالا للشك من بداية النهاية لألمانيا هتلر.
فمجابهة أعظم إمبراطورية (الإمبراطورية البريطانية) وأكبر أمة (الاتحاد السوفياتي) وأضخم آلة صناعية واقتصادية (الولايات المتحدة) لا شك تأتي من قرار فردي لا يعبأ بلغة العقل والخرائط السياسية.
في 1943 تمت الإطاحة بحليف هتلر الأوروبي (موسولینی)، واشتدت شراسة الروس في تحرير أراضيهم المغتصبة، وراهن هتلر على بقاء أوروبا الغربية في قبضته، ولم يعبأ بالتقدم الروسي الشرقي، وفي 6 حزيران / يونيو 1944 تمكن الحلفاء من الوصول إلى الشواطئ الشمالية الفرنسية، وبحلول كانون الأول/ ديسمبر تمكن الحلفاء من الوصول إلى نهر الراين وإخلاء الأراضي الروسية من آخر جندي ألماني.
عسكریا، سقط الرايخ الثالث نتيجة الانتصارات الغربية، ولكن عناد هتلر أطال من أمد الحرب لرغبته في خوضها لآخر جندي ألماني، وفي نزاعه الأخير رفض هتلر العقل وإصرار معاونيه على الفرار إلى بافاريا أو النمسا.
وأصر على الموت في العاصمة برلين، وفي ۱۹ آذار / مارس 1945 أمر هتلر أن تدمر المصانع والمنشآت العسكرية وخطوط المواصلات والاتصالات، وتعيين هينريك هیملر مستشارا لألمانيا في وصيته.
انتحاره
وبقدوم القوات الروسية إلى بوابة برلين أقدم هتلر على الانتحار وانتحرت معه عشيقته أيفا براون في 1 أيار/ مايو 1945، وأسدل الستار على كابوس الحرب العالمية الثانية .