يقولون: ” الجزر يقوي النظر ” ومن هنا، ومن هذه القدرة، تبدأ حكاية تلك الأصابع البرتقالية النافعة.

فلنأكل الجزر ولنشرب عصير الجزر ولنجعل الجزر رفيق دروبنا في أوقات الـ”سناك”، ولنتذكر أن قيمة الجزر الغذائية تزيد بين شهري إبريل وأغسطس، وهنا نحن، في التمام والكمال، بين الاثنين.. لنتذكر باختصار أن للطبيعة أسرار، والجزر أحد أسرار خيرات الطبيعة.

الجزر: أسرار خيرات الأرض في لبّه وعصيره

هو ذو ألوان عديدة: أصفر وبنفسجي وبرتقالي وأبيض، ولكننا نكثر في مطابخنا من استخدام الجزر البرتقالي، والصين هو البلد الأكثر إنتاجاً له. نحتاج في يومنا الحار لترطيب أجسامنا، والجزر الطازج أفضل شراب مرطّب، ففي كل مئة غرام منه هناك 88 غرام من الماء، و41 سعراً حرارياً، وأكثر من غرامين من الألياف الغذائية، وفيه أيضاً 12 ملليغرام ماغنيسيوم، و35 ملليغرام من الفسفور، وفيه أيضاً نياسين وزنك وصوديوم وفولات وفيتامينات متنوعة وبروتين وكربوهيدرات… وهل هناك لزوم للسؤال بعد: لماذا نتناول الجزر؟!

فلنستعن بمقولة الملاكم الراحل الشهير محمد علي كلاي الذي قال: “التكرار يؤدي إلى الاعتقاد، ثم يتحول إلى قناعة، لذلك رددت دائما أنا أقوى ملاكم في العالم”. لأن التكرار إذا تحول إلى قناعة سنُسهب في شرح لماذا علينا أن نتناول الجزر؟ وهل يفيد أكثر تناول الجزر كما هو أم عصيراً؟

الجزر لمعلوماتكم أحد أقدم أنواع الخضراوات التي عرفها الإنسان، وأوراقه تشبه البقدونس. وكانت قديماً تستخدم تلك الأوراق في نيين قبعات الملوك. والجزر يقوّي النظر، لأنه يحتوي على مستوى عالٍ من فيتامين “أ” و”كاروتين”. ما يعني أن الأمثلة لا تكذب والمقولات تستند غالباً إلى بيانات وحقائق ومكونات.

ممتاز؛ اتفقنا أن نتناول الجزر، لكن؛ كيف نختار بين الألوان والأحجام، وما هو أفضل طعماً وفوائد؟

فلنتفق أولاً على وجوب شراء الجزر الطازج، ذي الأوراق الخضراء، وتجنّب ما هو ذابل أو لين أو حبات الجزر المنقسمة على نفسها كما التوأم، ويمكن تخزين الجزر الطازج في أكياس بلاستيكية في الثلاجة.

ما رأيكم الآن في كوب بارد من عصير الجزر؟

يعرف الكثيرون أن عصير الجزر أحد أفضل الخيارات الممكنة  إذا أردنا اعتماد نمط صحي ملائم. وعصير الجزر يمنح الجسم فيتامينات “أ” و “ب” و”إي” ومعادن أخرى كثيرة. والمواظبة على شرب عصير الجزر ترطب الجسد وتحسن البصر والعظام والأسنان والأظافر والجلد والشعر، وتقي أنواعاً مختلفة من السرطان، لاسيما سرطاني الجلد والثدي، وذلك بفضل خصائصه المضادة للأكسدة، والتي تساعد على القضاء على الجذور الحرّة المسببة لمرض السرطان.

في كل حال، كلنا نعلم أن نقص فيتامين “أ” يسبب جفاف الجلد وتلف الأظافر والشعر، وهذا ما يمنع حدوثه تناول كوب من عصير الجزر يومياً.

عصير الجزر هو أغنى بالفيتامينات والمعادن من الجزر الخام، فكون من عصير الجزر يزن 236 غراماً، أي أكثر من وزن ثلاث حبات من الجزر الكبيرة، وبما أننا نعلم أنه محال أن نتناول ثلاث جزرات، لذا ينصح لمزيد من الفوائد بتناول عصير الجزر. أما بالنسبة إلى المواد المغذية، فيوجد في كوب عصير الجزر 94 سعراً حرارياً و 2.24 غرام من البروتين و1.9 غرام من الألياف، بينما الجزر الخام أقل غِنى، حيث نجد في الوزن نفسه 30 سعراً حرارياً، و0.67 غرام من البروتين وغرامين من الألياف. أضف إلى عصير الجزر يحتوي على 9.23 غرام من السكر الطبيعي. في حين تحتوي الكمية نفسها من الجزر الخام على 3.41 غرام من السكر الطبيعي. وهذا يعني أنكم إذا أردتم الحصول على فوائد أكثر تناولوا عصير الجزر. أما إذا كنتم تخضعون لحمية غذائية وتحاولون خسارة الوزن، فالأفضل لكم أن تتناولوا الجزر الخام.

عصير الجزر أحد أفضل الخيارات الممكنة إذا أردنا اعتماد نمط صحي ملائم

فهو يمنح الجسم فيتامينات ” أ ” و ” ب ” و ” إي ” ومعادن أخرى كثيرة. الجزر مدهش. إذا بدأنا في السرد قد لا نعود قادرين على أن نتوقف، ومن فوائده على الجلد والصحة والوجه والأسنان ما يلي

  • لجلد حيوي تناولوا الجزر: لأنه يحتوي على فيتامين “سي” ومضادات للأكسدة. ويمكن استخدامه موضعيّا كقناع للوجه، بعد برشه وإضافة بعض العسل إليه.
  • يساعد تناول عصير الجزر أيضا على علاج الندوب في البشرة: ويمكن وضع لبّ الجزر على عيوب البشرة للتخلص منها.
  • ينفع تناول الجزر كمضاد لعوامل الشيخوخة: كونه يحتوي على فيتامين “سي” الذي يساعد على إنتاج الكولاجين في الجسم. والكولاجين كما تعلمون نوع من البروتين الحيوي لحفاظ على مرونة الجلد ومنع التجاعيد، وهذا ما يسهم به أيضاً فيتامين “أ” الموجود في الجزر والذي يمنع تصبغ البشرة.
  • معظم الصبايا يأخدن معهن وهنّ ذاهبات إلى البحر عصير الجزر، اقتناعاً منهنّ بأنهن يكسبن بتناوله لوناً أجمل، وهذا صحيح. فمادة الـ”بيتا كاروتين” الموجودة في الجزر تساعد على منح الجلد جاذبية اللون، كما أنها تساعد على إصلاح أنسجة الجلد والحماية من أشعة الشمس القوية وخلق مناعة ضدّها، وفي حال حصول حروق الشفاء منها في شكل أسرع.
  • الجزر مناسب جداً للبشرات الجافة: وكلنا نعلم أن نقص البوتاسيوم في الجسم يؤدي إلى جفاف الجلد، والجزر غني بالبوتاسيوم، فلنحمِ بشراتنا إذن.
  • يسهم الجزر أيضا في علاج أمراض جلدية متنوعة: لاسيّما حب الشباب والبثور والطفح الجلدي الناتج عن نقص فيتامين “أ”.
  • يحمي الجزر، كما سبق أن قلنا من مرض السرطان: وهذا ما أثبتته دراسات علمية كثيرة، أظهرت أن تناول الجزر يساعد على خفض خطر الإصابة بمرض سرطان الثدي والرئة والقولون، وعَزَا الباحثون هذا إلى مركب في الجزر اسمه “فالكارينول”، بمثابة مبيد طبيعي يحمي الجذور من الأمراض الفطرية. والجزر هو المصدر الوحيد لهذه المركبات. وجرت دراسة على فئران تمت تغذيتها بالجزر الخام أو مركب “فالكارينول”، أنها أصبحت أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون من الفئران الأخرى.
  • يحسِّن كما سبق أن قلنا أيضا الجزر الرؤية: وكلنا نعلم أن شبكية العين تحتاج إلى فيتامين”أ”، الذي إذا نقص عن حدّ معين قد يسبب العمَي الليلي. والجزر غني بـ”بيتا كاروتين” وهي المادة التي تتحول إلى فيتامين “أ” في الكبد، الذي يساعد بدوره على وجود صبغة أرجوانية تدعي “رودوبسين”، مسؤولة عن الإحساس بالضوء في الظلام، هذا هو الرابط إذن بين المقولة الشعبية وكفاءة الجزر في تقوية النظر.
  • يحمي الجزر أيضًا من أمراض القلب: حيث أظهرت دراسات أن الأنظمة الغذائية الغنية بالـ”كاروتينات”، كما حال الجزر، كفيلة بخفض خطر الإصابة بأمراض القلب. ويعتقد أن استهلاك الجزر بانتظام يقلل مستويات الـ”كوليسترول الضار”. كما أن الألياف القابلة للذوبان في جزر تساعد هي أيضاً على خفض مستويات الـ”كوليسترول” في الدم عبر الإسهام بسحب مشغلات الـ”كوليسترول” في مجرى الدم.

ويحدّ تناول الجزر من خطر حدوث السكتة الدماغية، وفي هذا الإطار دلّت دراسة على أن من يتناولون أكثر من ست جزرات أسبوعياً، أقلّ عرضة للمعاناة من السكتة الدماغية، ومن أولئك الذين تناولوا جزرة واحدة أو اثنتين في الشهر.

  • يساعد تناول الجزر على تنظيف الأسنان بعد الانتهاء من تناول وجبات الطعام، ولعلّ الجزرة تعد في هذا الإطار بمثابة أداة كشط طبيعية تساعد على القضاء على الأوساخ بين الأسنان واللثة. ويعزى السبب إلى المعادن في الجزر التي تساعد على قتل الجراثيم في الفم ومنع تلف الأسنان.

وماذا بعد؟

هل تعلمون أن البشر استخدموا قديماً الجزر في العلاج الطبيعي لمجموعة متنوعة من الأمراض، قبل أن يستخدموها في مأكولاتهم؟

هل تعلمون أن لا أحد من الباحثين نجح في تحديد تاريخ ظهور أو حبة جزر في التاريخ؟

هل تعلمون أن ميل بلانك، الذي أدّى صوت الأرنب، في شخصية ” باغز باني ؟ الكرتونية الشهيرة مدة تزيد عن خمسين عاماَ لم يكن يحب الجزر؟

وهل تعلمون أن تناول جزرة واحدة يومياً يمنحكم احتياجاتكم اليومية من فيتامين “أ” ؟

وهل تعلمون أن الجزر الأحمر يحتوي على الـ” ليكوبين” ، وهو شكل آخر من أشكال الـ ” كاروتين ” ، وهو يحمي من الضّمور الشبكي، ويمنع أكسدة الدهون في الدم؟

وهل تعلمون أن الجزر الأبيض، الذي ينمو خصوصاً في أفغانستان وباكستان، يحتوي على ألياف غذائية تساعد على الحماية من أمراض القولون؟

وهل تعلمون أن الجزر الأسود يحتوي على مادة الـ ” أنتوسيانين ” ، التي تثبط الـ ” كوليسترول ” السيئ في الدم ، وتحمي من الجراثيم ، وتعالج حكّة الرأس؟

يبقى أن الجزر على جميع أنواعه مفيد لكننا في الأغلب نختار الجزر البرتقالي منه الغني بمادة الـ”كاروتين” . فلنجعله بما يتوافر من ألوانه كلها، حاضراً دائماً في غذائنا.