ليس فقط آلام البطن و الإسهال: تقرحات الفم، و الغثيان، و تساقط الشعر أو فقدان الوزن المفاجئ – جميع هذه العلامات و الإشارات تدل على أن أجسامكم ببساطة لا يمكنها التعامل مع الغلوتين

لقد ازداد الوعي بحساسية الجسم و عدم تسامحه تجاه الغلوتين كثيراً في السنوات الأخيرة، حيث قرر العديد من الناس التوقف عن تناول الغلوتين حتى قبل أن يتم تشخيصهم بمرض الداء البطني، السيلياك (مرض حساسية القمح) أو كأشخاصٍ يعانون من الحساسية لمادة الغلوتين، لأنهم ببساطة يخشون من أن يكون لديهم حساسية منه أو أنهم يفضلون تجنبه للأمان.

داء الاضطرابات البطنية هو أحد أمراض المناعة الذاتية التي تجعل الجسم يستخدم الأجسام المضادة لمهاجمة الخلايا السليمة التي يتم تحديدها عن طريق الخطأ بواسطة الجهاز المناعي كـ “أجسام غريبة”. عند مرضى الاضطرابات الهضمية، هذه الاستجابة المناعية تحدث بعد أن تكتشف أجسامهم أن الغلوتين دخل إلى الجسم حيث يقوم الجسم رداً على ذلك بإطلاق أجسام مضادة تعمل على مهاجمة و الإضرار بالجدار المعوي. يسبب هذا التلف في الجدار المعوي أعراضاً ليست بسيطة، بعضها ليس له علاقة بالبطن. هذا هو السبب أيضاً أنه في بعض الأحيان يستغرق الأمر بعض الوقت لكي يتم تشخيص المرض.

إليك بعض الأعراض التي يجب الانتباه إليها:

مشاكل الأمعاء

بعض الأعراض، بشكل طبيعي، تتجلى في البطن: الغثيان، و الإسهال، و آلام في البطن و حتى الإمساك. من ناحية، هذه علامات واضحة و مسّلم بها إلى حد ما و التي قد تكون مرتبطة بمرض الاضطرابات البطنية، و لكن تكرار الشكاوى حولها سيؤدي إلى التشخيص بمتلازمة القولون العصبي، و ليس بمرض الاضطرابات البطنية. تلقى حوالي ربع المصابين بمرض الاضطرابات البطنية تشخيصاً خاطئاً بمتلازمة القولون العصبي.

تقرُّحات الفم

ليس هذا هو أول شيء يتبادر إلى أذهاننا عندما نفكر بمشاكل الأمعاء، لكن تقرحات الفم هي أحد أعراض مرض الاضطرابات الهضمية(البطنية). في الحقيقة، هي أعراض شائعة لأمراض المناعة الذاتية، لأنها تشير إلى وجود فشل ما في هذا النظام. في حالة الاضطرابات الهضمية، لا يدور الحديث عن وجود قرحة فقط هنا أو هناك، بل هناك العديد من التقرحات في الأنسجة الرخوة في الفم، و التي تكون مؤلمة للغاية التي تؤثر على سير الحياة اليومية.

الإجهاد

واحدة من المشاكل التي تعيق تشخيص مرض الاضطرابات الهضمية هي أن العديد من أعراضه يمكن اعتبارها “يومية” و شائعة و يمكنها أن تحدث كنتيجة للكثير من الأسباب الأخرى. الإجهاد هو مثال جيدٌ على ذلك. يمكن للتعب الشديد أن يكون عرضاً ثانوياً كنتيجة لعدم حصول الجسم على كمية كافية من العناصر الغذائية الأساسية بسبب الاستجابة المناعية للغلوتين.

التهيج الجلدي

نشير هنا إلى نوعٍ معين من الطفح الجلدي الذي يسمى رسمياً “التهاب الجلد الهربسي الشكل” (بالانجليزية: Dermatitis herpetiformis). يتجلى هذا النوع من الالتهاب الجلدي في صورة بثور أو حويصلات صغيرة، تظهر عادةً في المرفقين و الركبتين، و لكن يمكن أن يحدث في مكان آخر ويسبب الشعور بالحكة و الحرقان. في كثير من الأحيان، عندما نتوقف عن تناول الغلوتين، قد تختفي من دون علاج طبي. يمكن التأكد من نوع هذا الطفح عن طريق أخذ عينة صغيرة من نسيج الجلد(يتم ذلك بواسطة طبيب الأمراض الجلدية). إذا تم التشخيص على أنه التهاب الجلد الهربسي، فهناك احتمالية كبيرة لإحالتكم إلى أخصائي أمراض الجهاز الهضمي للاشتباه بالاصابة بالاضطرابات الهضمية.

فقر الدم و نقص فيتامين B

غالباً ما يؤثر الضرر الذي يسببه مرض الاضطرابات الهضمية على قدرة جدار الأمعاء على امتصاص الفيتامينات والمُغذيات الأساسية الأخرى من الطعام الذي نتناوله. يحدث فقر الدم بسبب صعوبة امتصاص الحديد، و الذي من الممكن أن يحدث نتيجة لجميع أنواع الحالات الطبية، و ليس فقط بسبب مرض الاضطرابات الهضمية. مع ذلك، فإن نقص فيتامين B هو من أكثر علامات الاصابة بمرض الاضطرابات الهضمية وضوحاً .

الإضرار بنظام حفظ التوازن و التناسق

المشاكل العصبية مثلما يحدث في الحالة الطبية التي تسمى “أتاكسيا” (بالانجليزية: ataxia) هي أيضاً علامات مدهشة على أن الجسم ببساطة لم تعد لديه القدرة للتعامل مع الجلوتين. أتاكسيا هي حالة طبية تشمل مجموعة من الحالات الطبية على التناسق و التوازن و حتى على الكلام و البلع. على الرغم من أنه لا يمكن حل جميع المشاكل العصبية عن طريق نظام غذائي خالٍ من الجلوتين، إلا أن هناك العديد من الدراسات – بعضها قيد التنفيذ – وجدت أدلةً على أن النظام الغذائي الخالي من الجلوتين يمكنه أن يحسّن من هذه الأعراض، إذا ما تم احتواؤها في الوقت المناسب، من أجل تجنب الضرر العصبي التي تسببت به.

ضعف العظام و نضوب الكالسيوم

قد تكون هشاشة العظام أحد الأعراض الجانبية لمرض الاضطرابات الهضمية إذا لم يتم تشخيص المرض مبكراً. استنزاف الكالسيوم يضعف العظام و يجعلها هشة. قد يؤدي اتباع نظام غذائي صارم خالٍ من الغلوتين إلى قلب المعادلة إلى حد ما و المساعدة على تقوية العظام.

الإكتئاب

لا يزال الباحثون غير قادرين على تقديم تفسير واضح بشأن الصلة بين الاضطرابات الهضمية و الإكتئاب. تتمثل إحدى الفرضيات بأنه بسبب أن هذا المرض عادةً ما يأخذ وقتاً طويلاً في تشخيصه، و كثيراً ما تنطوي العملية على زيارات متكررة للطبيب، و فحوصات متعددة، تؤدي إلى تشخيصات خاطئة أو تترك المريض دون إجابة صريحة، فإن هذا يؤثر على الحالة النفسية للمريض و ربما يؤدي ذلك للإكتئاب.

الإجهاضات المتكررة

معظم الناس غير مدركين للعلاقة بين الاضطرابات الهضمية و الإجهاض، بل إنهم يصابون بالدهشة عند سماعهم لذلك، لكن هناك العديد من الدراسات التي وجدت ارتباطاً ما بين مرض الاضطرابات الهضمية و حالات الإجهاض المتكرر و مشاكل الخصوبة. لا تزال طبيعة هذه العلاقة غير واضحة بما فيه الكفاية، و لكن في حالات الإجهاض المتكررة أو الصعوبات في الحمل، يوصى بإدراج فحص الدم الخاص بمرض الاضطرابات الهضمية على قائمة الفحوصات التي يتم إدراجها.

فقدان الوزن المفاجئ

قد لا يبدو من المنطقي أن يحدث انخفاض مفاجئ في الوزن بسبب الإصابة بمرض مزمن يستمر لمدى الحياة. و مع ذلك، غالباً ما تظهر أعراض مرض الاضطرابات الهضمية فقط في مرحلة البلوغ. إذا كان يُعتقد في الماضي أن مرض الاضطرابات الهضمية هو أحد أمراض الطفولة التي تظهر في السنوات الأولى من الحياة، فإننا اليوم نعرف أن هناك العديد من الأشخاص الذين وصلوا لمرحلة متقدمة من العمر دون أن يحصلوا على التشخيص الصحيح لحالتهم. في الوقت الحاضر، فإن متوسط العمر الذي التي تكون فيه معظم التشخيصات ممكنة هو 50 عاماً. و بناءً على ذلك، قد يؤدي تفشي الأعراض إلى تفاقم المرض و انخفاض مفاجئ في الوزن.

تساقط الشعر

قد تسبب أمراض المناعة الذاتية تساقط الشعر. لم يعد هذا من الأعراض الواضحة للاضطرابات الهضمية، مثل تقرحات الفم أو مشاكل الأمعاء، و لكن فقدان نعومة الشعر و تساقط الشعر الزائد عن الحد يمكن أن يشير في كثير من الأحيان إلى صعوبة في التعامل مع الجلوتين.

فقدان الأسنان

في هذه الحالة، يعتبر هذا من الأعراض نادرة الحدوث نسبياً، و أكثر شيوعاً لدى الأطفال مقارنة بالبالغين. نشير هنا إلى تسوس الأسنان و تآكلها أو تغير في لون طبقة المينا للأسنان. قد لا يكون من الممكن أن نكتشف هذه التغيرات لوحدنا، و لكن طبيب الأسنان سيكون قادراً على تشخيصها.